منتديات حقائق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» عشيرة صدام حسين تنفي شائعة نبش قبره وسرقة جثته
النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Emptyالإثنين سبتمبر 02, 2013 10:48 am من طرف الحقيقية

» نساعدك فى تخطى ازمات حياتك
النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Emptyالجمعة أكتوبر 12, 2012 12:48 pm من طرف علاج نفسى

» وهل يعلم العراقيون سبب التدفق اليهودي الغريب الى كركوك وشراء العقارات فيها بخمس أضعافها!؟
النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Emptyالخميس مايو 31, 2012 1:39 pm من طرف القادسية

» نداء عاجل الى الشعب المصري الثائر: الاحزاب والجيش وقناة الجزيرة تخدعك وتسرق ثورتك خدمة لاسرائيل وامريكا
النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Emptyالإثنين يونيو 13, 2011 3:58 pm من طرف القادسية

» كاميليا وملحمة التوحيد...د. أكرم حجازي
النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Emptyالخميس مايو 12, 2011 12:17 am من طرف القادسية

» بين رسالة هارون الرشيد لملك الروم ورسالة القذافى لأوباما
النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Emptyالسبت مايو 07, 2011 6:53 pm من طرف ايلاف

» أذن أيمن مترى وروح الشهيدة سلوى وأطفالها
النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Emptyالأحد أبريل 24, 2011 5:55 pm من طرف ايلاف

» تقسيم ليبيا
النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Emptyالإثنين أبريل 11, 2011 7:01 am من طرف ايلاف

» رسالة إلى نيرون قطر ...ارسلها محمد تامالت
النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Emptyالجمعة مارس 25, 2011 7:44 pm من طرف القادسية

أبريل 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
282930    

اليومية اليومية


النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود

اذهب الى الأسفل

النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود Empty النظام السعودي في ميزان الاسلام -8- شبهات وردود

مُساهمة من طرف القادسية الجمعة أكتوبر 09, 2009 9:36 pm

النظام السعودي في ميزان الاسلام -8-
شبهات وردود


لا شك أن بحث مثل هذا الموضوع الخطير والحساس سيثير بعض التساؤلات، وتطرأ بعض الشبهات لدى فريق من الناس، نظراً لما ترسخ في أذهانهم من أوهام مبنية على مقدمات خاطئة، فكان لابد من مناقشة تلك الشبهات والوقوف على حقيقتها للوصول إلى الحق.

الشبهة الاولى
زعم بعض طلبة العلم أن حكم آل سعود لا يختلف عن الحكم في صدر الدولة الأموية، ومع ذلك فلم يقدح الصحابة والتابعون في حكم أو شرعية تلك الدولة رغم الظلم والفسق الذي كان فيها، والرد على هذه الشبهة الضعيفة من عدة وجوه:

الوجه الأول: لا ينكر عاقل منصف ما جرى على يد الخلفاء الأمويين من ظلم وإسراف في الدماء، لكنه لم يثبت أن أولئك الخلفاء سنّوا قوانين أو تشريعات أو أنظمة غير إسلامية، أوبدلوا الشريعة، ولم يثبت أن ولاء الدولة وبراءها كان لغيـــر الإســـلام، ولم تكن الشعائر الإسلامية وفي مقدمتها الجهاد معطّلة، ولقد تقدم الكلام في التفريق بين الإخلال بأركان الإمامة الشرعية وبين مجرد الفسق الشخصي والظلم والشدة في قمع الخصوم.

الوجه الثاني: ليس صحيحاً أن كبار الصحابة والتابعين أقروا بشرعية إمامة الفاسق والظالم، فلقد ثبت أن عدداً كبيراً من الصحابة والتابعين خرجوا على الدولة الأموية، فقد أنكر جمهور الصحابة شرعية إمامة يزيد وانعقاد البيعة له، وقد ثبت خروج سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي رضي الله عنه، وخروج عبدالله بن الزبير ومن خرج معهم من الصحابة والتابعين، بل الصحيح الذي عليه المحققون هوأن عبدالله بن الزبير كان الخليفة الشرعي للمسلمين، حيث اجتمع عليه جمهور الصحابة والتابعين وعامة الناس في الحجاز ومصر وإفريقيا والعراق وسائر جزيرة العرب، ولم يبق في يد الأمويين سوى بلاد الشام، بل أن مروان بن الحكم أوشك أن يُبايع عبدالله بن الزبير لولا أن رده عن ذلك بعض أهل الشام، وكان الخارج حقاً على الخليفة الشرعي والمغتصب للسلطة هو مروان ثم ابنه عبد الملك من بعده في أول الأمر، لكن الناس اجتمعوا على عبدالملك بعد مقتل عبدالله بن الزبير رضي الله عنه وبايع له الجمهور فأصبح بذلك ـ أي بالبيعة من الأكثرية ـ خليفة المسلمين، بعد أن كان خارجاً مارقاً، ورأت طائفة من محققي أهل الحديث أن خلافة عبدالله بن الزبير هي الخلافة الشرعية وصنّفتها ضمن الخلافة الراشدة. وثبت كذلك خروج من بقي من المهاجرين والأنصار وأبناءهم من التابعين في المدينة واشتهر ذلك في موقعة الحرة، وكذلك خروج بن الأشعث على الحجاج مع جميع من في البصرة من الفقهاء والقراء من التابعين، وقد اشتهر رفض سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وطلعة بن حبيب وقتيبة بن مسلم للبيعة. وقد ورد عن عمر بن عبدالعزيز أنه أمر بضرب من سمى يزيد بن معاوية أمير المؤمنين عشرين سوطاً، مما يدل على عدم إقراره لإمامة يزيد، وقد قال ابن حجر في تلخيص تلك القضية: (وهذا ـ يعني الخروج بالسيف ـ مذهب للسلف القديم)(1)، فليس صحيحاً دعوى إقرار الصحابة والتابعين بإمامة الظلمة مع أن النقاش أصلاً ليس في الظلم بل في الكفر البواح وتبديل الشريعة وتعطيل الشعائر.

الوجه الثالث: لم يرد في كل ما سبق ذكر للخروج أو حمل السيف على كل حال والذي قيل هو أن الإمامة الشرعية معطلة ويجب إقامتها فقضية شرعية النظام شيء وقضية الخروج عليه شيء آخر، ولكل منهما أركان وشروط وضوابط، فإذا كان طالب العلم ممن يوافق على ذلك وجب عليه السعي لإقامتها بكل وسيلة مشروعة، ومن أقر بوجود تبديل للشرائع وتعطيل للشعائر وجب عليه السعي لتغيير ذلك المنكر العظيم بكل وسيلة مشروعة، والذين يعتبرون كل سعي للإصلاح وكل صدع بالحق وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر نوع من أنواع الخروج والبغي والعدوان هؤلاء مغالطون ومخالفون لصريح القرآن وصحيح السنة ومتقولون على الله بغير علم.

ومن المجمع عليه عند العلماء أن الحاكم إذا أمر بمعصية أي أمر بفعل حرام أو ترك واجب فإنه لا يطاع في ذلك الأمر المعين، وذلك بغض النظر عن كونه خليفة راشداً أو غير راشد، شرعياً أو غير شرعي، يحكم بالإسلام أو يحكم بالكفر، وكذلك لا جدال أن الحاكم الكافر والذي يحكم بغير ما أنزل الله في حكم المعدوم شرعاً فلا تجب طاعته في أي أمر من أوامره إطلاقاًَ، وتحرم طبعاً في كل أمر معين بمعصية، وقد جرى خلاف بين العلماء في شرعية ولاية الظالم والفاسق مما يترتب عليه وجوب طاعته من عدمها، كل ذلك قضية تختلف عن المنابذة بالسلاح، أي عن الخروج الذي لايكون في عرف الفقهاء إلا بالسلاح. ولكن لما عجز بعض علماء السلطان عن مقارعة الحجة بالحجة وإقامة الدليل والبرهان لجأ أولئك إلى الإرهاب الفكري وذلك بالتلويح بلفظة "الخروج" منعاً للمصلحين من القيام بفرائض النصيحة والاحتساب والقيامة لله بالقسط "يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون" (آل عمران، 71).

الشبهة الثانية

يحتج بعض المدافعين عن شرعية النظام بما يصفونه بأنه أدلّة شرعية في طاعة الإمام، ولكن ليس من منهج أهل السنة بتر الأدلّة أو الاحتجاج ببعضها دون بعض، بل منهجهم إعمال الأدلة جميعاً، والجمع ما بين كل ما صحّ في الكتاب والسنة ثبوتاً ودلالة، لدفع التعارض المُتوهّم بين الأدلة ولتجنّب إهمال أي لفظ في القرآن والسنة، فكل ما جاء في القرآن والسنة نحن ملزمون باتباعه والعمل به مع ملاحظة الاستثناءات المتفق عليها بين الأصوليين كالنسخ والتخصيص والتقييد، والذين يحتجون بنصف حديث أو بحديث مع وجود ما يخصّصه أو يقيّده، فهم من جنس الذين يؤمنون ببعضه ويكفرون ببعضه والذين يكتمون ما أنزل الله، والذين يحرّفون الكلم عن مواضعه إذا تعمّدوا ذلك، وإذا لم يتعمّدوا فهم جهلة لا يعرفون كيف يعمل بالدليل الشرعي، ولا يجوز الأخذ بأقوالهم ولا بفتاويهم، قال الإمام الشاطبي رحمه الله: (... ومدار الغلط إنما هوعلى حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت ...) وأضاف قائلا:ً (... فشأن الراسخين في العلم تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضاً كأعضاء الإنسان إذا صور صورة مثمرة ...) ثم قال: (... وشأن متبعي المتشابهات أخذ دليل ما ـ أي دليل كان ـ عفواً أو أخذاً أولياً ، وإن كان ثم ما يعارضه من كلي أو جزئي، فكان العضو الواحد (أي الدليل الواحد) لا يعطي في مفهوم أحكام الشريعة حكماً حقيقياً فمتبعه متبع المتشابه، ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ ...)، ثم قال: (... من اتباع المتشابهات الأخذ بالمطلقات قبل النظر في مقيداتها، وبالعمومات من غير تأمل هل لها مخصصات أم لا؟ وكذلك العكس بأن يكون النص مقيداً فيطلق، أو خاصاً فيعمّ بالرأي من غير دليل سواه، فإن هذه المسالك رمي في عماية واتباع الهوى في الدليل ...)(2).

وعملاً بهذا المنهج يمكن استعراض الأدلـــــة الــــواردة في تلك المسألــة والقواعد الشرعية المرتبطة بها:

ففي القرآن يقول تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، ثم يقول سبحانه في العبارة التي تليها "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" (النساء، 59).

وأما الأحاديث فقد جاءت في ثلاث مجموعات، الأولى يفهم من ظاهرها الطاعة المطلقة للحاكم وتحمّل ظلمه وغشمه، والثانية يفهم منها نزع طاعة الحاكم إذا عصى الله، كما يفهم منها الحث على جهاد الأمراء العصاة باليد، والمجموعة الثالثة فيها الأمر بالطاعة بشرط معيّن حدّدته تلك الأحاديث.

فمن المجموعة الأولى ما روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية”(3)، والحديث المروي عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع”(4).

ومن المجموعة الثانية الحديث المروي عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من نبيّ بعثه الله قبلي إلا كان له من أمّته حواريون وأصحاب يأخذون بسنّته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل”(5)، قال ابن رجب الحنبلي: (... وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد)(6)، ومنها الحديث المروي عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنة، ويعملون بالبدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، قلت يا رسول الله: إن أدركتهم كيف أفعل؟ قال: تسألني يا ابن أم عبد كيف تفعل؟ لا طاعة لمن عصى الله”(7)، وثبت في الحديث أن عبدالله بن عمرو لبس سلاحه وتهيأ لقتال عامل معاوية الذي أرسله معاوية لأخذ أرضه في الطائف، واحتج عبدالله بن عمرو رضي الله عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من قُتل من دون ماله مظلوماً فهو شهيد”(، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيكون أمراء من بعدي يأمرون بما تعرفون ويعملون ما تنكرون فليس أولئك عليكم بأئمة”(9).

المجموعة الثالثة من الأحاديث تجمع بين الأمرين فهي تحثّ على الطاعة وتستثني بحد معين، ومنها ما روي عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه أنه قال: “بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى ألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان”، وفي رواية: “وعلى ألا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم”(10). والحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله”(11)، ومنها حديث أم الحصين الأحمسية رضي الله تعالى عنها قالت: “حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع .. إلى أن قالت: ثم سمعته يقول: إن أُمّر عليكم عبد مجدع ـ حسبتها قالت أسود ـ يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا”(12)، وفي رواية الترمذي والنسائي سمعته يقول: “يا أيها الناس اتقوا الله وإن أُمّر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما أقام فيكم كتاب الله”، والحديث المروي عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين يبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قال: قلنا يا رسول الله: أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة ... الحديث”(13).

فهذه المجموعة حثّت بشكل شديد على الطاعة، ولكن اشترطت لذلك شروطاً لابدّ من تحقيقها جميعاً حتى تكون الطاعة ديناً يُدان الله به، وإذا تأملت طريقة احتجاج المدافعين عن شرعية النظام رأيت فيها المخالفات الشرعية التالية:

أولاً: احتجاجهم بقوله تعالى: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" (النساء، 59) دون ذكرللعبارة التي تليها، وهذا فيه تجاهل للأمر بالرد لله والرسول عند التنازع والاختلاف، وعن أبي حازم (من أئمة التابعين) أن سليمان بن عبدالملك قال له: ألستم أمرتم بطاعتنا في قوله "وأولي الأمر منكم" قال أبو حازم: (أليس قد نزعت منكم إذ خالفتم الحق بقوله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول")(14) (النساء، 59).

ثانياً: الاحتجاج بالمجموعة الأولى من الأحاديث التي تحث على الطاعة المطلقة للحاكم، ومن المعلوم بالضرورة أن طاعة الحاكم لا يمكن أن تكون مطلقة لا من جهة الأمر المطلوب تنفيذه ولا من جهة المطاع، فقد جاءت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة وأجمع المسلمون على أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما أجمعوا على أن لا طاعة للحاكم الكافر، فلا يجوز الاحتجاج بهذه الأحاديث مع إهمال المجموعة الثانية التي تقيّدها، والتي تدعو إلى نبذ طاعة من عصى الله بل تدعو إلى جهاده باليد كما قال ابن رجب رحمه الله(15).

ثالثاً: الاحتجاج بالمجموعة الثالثة من الأحاديث بشكل مبتور فتراهم يستدلون بحديث عبادة ويتوقفون عند قوله “وألا ننازع الأمر أهله”، ويتجاهلون قوله: “إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان”، ومن المقطوع به أن تبديل الشرائع وسن القوانين المضاهية لشرع الله ومظاهرة المشركين على المسلمين واستحلال الحرام وتحريم الحلال هو من الكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان، وأما حديث أنس وحديث أم الحصين فقد ورد فيه الاستثناء الصريح بقوله صلى الله عليه وسلم: “ما أقاموا فيكم كتاب الله”، وإقامة كتاب الله تعني كل ما تقدم من الحكم بما أنزل الله ورفع شعائر الإسلام والتمكين لدين الله وهذا هو شرط القبول بالإمامة، وأما حديث عوف بن مالك فقد ورد فيه الاستثناء بقوله صلى الله عليه وسلم “ما أقاموا فيكم الصلاة”، وإذا أُعملت الأدلة مع بعضها البعض يتبين أن المقصود بقوله “ما أقاموا فيكم الصلاة” يعني ما أقاموا فيكم الدين لأن الصلاة عمود الدين، ولأن الأحاديث الأخرى تفسر ذلك الحديث، وهو الأليق بكلام سيد الفصحاء صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مثل قوله: “الحج عرفة”، مع علمنا بالاضطرار من دين الإسلام ببطلان حج من حضر عرفة ثم انصرف من غير أداء بقية الأركان كطواف الإفاضة مثلاً.
بناء على ذلك تسقط شرعية النظام الذي يظهر فيه الكفر البواح، وكذلك النظام الذي لا يمكّن من إقامة الصلاة، كما تسقط شرعية الحاكم الذي لا يصلي. هذا من جهة إعمال الأدلة جميعاً، أما من جهة استحضار قواعد ومقاصد الشريعة فلا يُعقل أبداً أن يدعو الإسلام لإقامة الإمامة الشرعيــة ويجعــل الحــكم بمــا أنــزل الله ورفع شعائــــر الإســـلام وتمكيــن دين الله في الأرض من أركان الإمامة في الإسلام ثم يعتبر بعد ذلك الـــذي أخـــل بتلك الأركان من أساسها أو عطّلها إماماً شرعياً.

والذين يجادلون في شرعية النظام ويصرون على ذلك رغم كل هذه الأدلة الشرعية والواقعية، فإن كانوا يعتبرون عملهم هذا اجتهاداً شرعياً فأقل ما يطالبون به أن يعتبروا من خالفهم قد اجتهد اجتهاداً شرعياً وليسعهم ما وسع إمام أهل السنة أحمد بن حنبل حيث وقف تجاه الشيخ أحمد بن نصر الخزاعي موقف الرجال فلم ينتقده ولم يشنّع عليه، رغم اختلافه معه في الخروج على الإمام بل أثنى عليه بقوله: (رحمه الله ما أسخاه لقد جاد بنفسه)(16)، هذا مع أن أحمد بن نصر خرج خروجاً مسلحاً ولم يتوقّف فقط عند القول بعدم الشرعية، ومع أن مخالفات الحاكم في ذلك الزمان لم تبلغ عشر معشار نظام الحكم في بلاد الحرمين.

الشبهة الثالثة
هي دعوى بعض المنسوبين للعلم أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يمكن أن يكون كفرا إلا إذا استحله فاعله، ولقد انتشرت هذه الدعوى في السنين الأخيرة، وابتلي بها عدد من المحسوبين على كبار العلماء، ولا حول ولا قوة إلا بالله مع أنها مما يمكن أن يصنف بسهولة أنه قول طائفة من أهل الإرجاء الذين يشترطون الاستحلال لكل ذنب حتى لو كان عملا مكفرا بنفسه.

والرد على هذه الشبهة من عدة وجوه هي:

أولا: أن شرط الاستحلال بدعة لا دليل عليها من الكتاب والسنة، بل الأصل أن ما كان موصوفا من الأعمال بالكفر في الكتاب والسنة فهو كفر مع الاستحلال أو بدونه، وهذا باب عظيم في عقيدة أهل السنة والجماعة، وهو مقتضى فهم الصحابة رضي الله عنهم، حتى لقد قالوا في شأن جدلهم مع أبي بكر رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة: "لو أطاعنا أبو بكر لكفرنا"(17)، هذا لأن الصحابة قاتلوا المرتدين على مجرد منعهم للزكاة لا على جحود وجوبها، قال شيخ الإسلام بن تيميه: "والصحابة لم يقولوا: أأنت مقر لوجوبها أو جاحد لها؟ هذا لم يعهد عن الخلفاء والصحابة، بل قد قال الصديق لعمر رضي الله عنه:"والله لو منعوني عقالا أو عناقا كانوا يؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها"، فجعل المبيح للقتال مجرد المنع لا جحد الوجوب، وقد روي أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب لكن بخلوا بها، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعا سيرة واحدة، وهي قتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم والشهادة على قتلاهم بالنار وسموهم جميعا أهل الردة"(18). وقد شبه الشيخ محمد بن ابراهيم دعوى هؤلاء بمن يعبد الأوثان ويقول أنها باطل، قال رحمه الله: "لو قال من حكّم القانون أنا أعتقد أنه باطل فهذا لا أثر له، بل هو عزل للشرع، كما لو قال أحد: أنا أعبد الأوثان وأعتقد أنها باطلة"(19)، واشتراط الاستحلال بهذا المعنى خطير جدا لأن معناه أن إهانة المصحف والسجود للصنم وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سب الدين أو تعليق الصليب كل هذه الأعمال ليست كفرا ما لم يستحلها صاحبها حسب دعواهم والعياذ بالله.

ثانيا: أن عدم تحكيم الشرع والولاء للكفار وغير ذلك من الأعمال المرتكبة من قبل النظام السعودي هي أعمال موصوفة بالكفر سواء تحقق الكفر في آحاد أفراد النظام أم لم يتحقق، ثم إن العمل إذا وصف بالكفر فإنه جريمة عظمى في الشرع، وهي أخطر من الكبائر التي لم توصف بالكفر مثل الزنا والربا وشرب الخمر وقطع الطريق، ولهذا كان قتال ما نعي الزكاة مثلا أعظم من قتال الخوارج كما أشار إلى ذلك بن تيميه رحمه الله(20)، وذلك لأن منع الزكاة كفر بغض النظر عن استحلال ذلك، أما الخوارج فهم من أهل البدع، ولا يسمون كفارا، ومن ثم فإن اشتراط الاستحلال في تكفير المعين لا يغير من حقيقة أن العمل نفسه كفر وأنه مناقض للإسلام.

ثالثا: أن المسلم متعبد بما يجب عليه من واجبات شرعية وهي السعي لتحقيق أركان الإمامة الشرعية بغض النظر عن الحكم المترتب على أفراد النظام، فتحكيم شرع الله وتحقيق هيمنة الشريعة ورفع شعائر الإسلام وولاء المسلمين وعداء الكافرين واجب شرعي في عنق كل مسلم بقدر استطاعته، أما حكم أفراد النظام من حيث الإسلام والكفر فهو شأن آخر، ولذلك فحتى لو صحت هذه الشبهة جدلاً فلا حجة فيها ولا دفاع عن شرعية النظام، ولا عذر في التخلي عن وجوب السعي لإقامة النظام الشرعي، لكن مشكلة أولئك الذين يشترطون الاستحلال أنهم لا يكتفون بمنع إطلاق الكفر، بل يقفزون مباشرة إلى التزكية وإضفاء الشرعية على كل ما يصدر عن الحاكم ولا يبدون أي استعداد لاعتبار ممارسات النظام جرائم كبيرة، بل لا يقبلون مجرد السكوت عن تزكية النظام والسكوت عن تجريم المصلين.

لهذه الأسباب فإن هذه الشبهة ساقطة ولا مجال للاستدلال بها وننصح المستزيد في رد هذه الشبهة عموما بالرجوع إلى البحث القيم للشيخ سفر الحوالي في كتابه "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي"

فقد تناولها ـ وفقه الله وفك أسره ـ تناولا كافيا وشافيا.

هوامش شبهات وردود

ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب،(2)
الشاطبي، الاعتصام، 1/244-246.

رواه مسلم

متفق عليه.

رواه مسلم .

ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم، ص304.

رواه ابن ماجه، وأخرجه أحمد والطبراني، والبيهقي بألفاظ متقاربة وصحح الحديث كلاً من أحمد شاكر والألباني.

رواه مسلم .

أخرجه الطبراني بإسناد جيد.

الحديث متفق عليه .

رواه البخاري .

رواه مسلم والترمذي والنسائي.

رواه مسلم .

انظر البحر المحيط، 39/278.

انظر ابن رجب ، جامع العلوم والحكم ، 304.

ابن كثير، البداية والنهاية، 10/304.

المصنف لابن أبي شيبة 265/12.

الدرر السنية 135/8.

فتاوى محمد بن إبراهيم 198/6.

منهاج السنة 501/4.

القادسية

المساهمات : 329
تاريخ التسجيل : 07/04/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى