منتديات حقائق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» عشيرة صدام حسين تنفي شائعة نبش قبره وسرقة جثته
كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Emptyالإثنين سبتمبر 02, 2013 10:48 am من طرف الحقيقية

» نساعدك فى تخطى ازمات حياتك
كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Emptyالجمعة أكتوبر 12, 2012 12:48 pm من طرف علاج نفسى

» وهل يعلم العراقيون سبب التدفق اليهودي الغريب الى كركوك وشراء العقارات فيها بخمس أضعافها!؟
كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Emptyالخميس مايو 31, 2012 1:39 pm من طرف القادسية

» نداء عاجل الى الشعب المصري الثائر: الاحزاب والجيش وقناة الجزيرة تخدعك وتسرق ثورتك خدمة لاسرائيل وامريكا
كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Emptyالإثنين يونيو 13, 2011 3:58 pm من طرف القادسية

» كاميليا وملحمة التوحيد...د. أكرم حجازي
كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Emptyالخميس مايو 12, 2011 12:17 am من طرف القادسية

» بين رسالة هارون الرشيد لملك الروم ورسالة القذافى لأوباما
كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Emptyالسبت مايو 07, 2011 6:53 pm من طرف ايلاف

» أذن أيمن مترى وروح الشهيدة سلوى وأطفالها
كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Emptyالأحد أبريل 24, 2011 5:55 pm من طرف ايلاف

» تقسيم ليبيا
كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Emptyالإثنين أبريل 11, 2011 7:01 am من طرف ايلاف

» رسالة إلى نيرون قطر ...ارسلها محمد تامالت
كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Emptyالجمعة مارس 25, 2011 7:44 pm من طرف القادسية

أبريل 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
282930    

اليومية اليومية


كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي

اذهب الى الأسفل

كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي Empty كلهم مقتدى - الشيخ طه الدليمي

مُساهمة من طرف القادسية السبت مايو 15, 2010 10:15 pm

كلهم مقتدى......لا أستثني أحدا

الشيخ طه الدليمي

فـي إحدى خيام المهجرين في الفلوجة التقى مراسل "مفكرة الإسلام" بامرأة من أهل محافظة السماوة (حوالي 280 كم إلى الجنوب من بغداد) تكنى بالحاجة أم عبد العزيز. تركت منزلها مع خمس بنات لها: كبراهن سمية عمرها (22) عاماً. تقول الحاجة: إنها هربت بدينها من السماوة. وإن أشخاصاً من مكتب السيستاني حضروا إلى دارها، وأمهلوها مدة ثلاثة أيام للتفكير في اعتناق مذهب أهل البيت أو الرحيل من المدينة إلى مدن (النواصب). وإنها إذا رفضت فإن (المؤمنين) من فيلق بدر وجيش المهدي سيقومون بواجبهم حيالها وحيال بناتها - على حد تعبير المجرمين المعتدين - وأضافت الحاجة أم عبد العزيز: تركت كل شيء من أجل ديني، وجئت إلى الفلوجة؛ فقد علمت أن أهلها أهل نخوة وطيبة وجهاد.(1)

هذا نموذج للآلاف المؤلفة من أهل السنة، الذين هجرتهم عصابات المجوسية المقنعة، وبفتاوى العلماء، وعلى رأسهم كبيرهم السيستاني. وفروا بدينهم وأعراضهم منهم.

وهكذا – ومن خلال هذا التقرير - ترى أنه لا فرق – في النهاية – بين مقتدى والسيستاني وآل الحكيم وآل الصدر وغيرهم في عداوتهم لأهل السنة. فمكتب السيستاني يهدد الآخرين بذراعه العسكري " (المؤمنين) من فيلق بدر وجيش المهدي ". نعم! بينهم فروق.. ولكنها داخلية، يسوونها فيما بينهم، ولا تؤثر في علاقاتهم الخارجية حين يواجهون عدوهم الوحيد - أهل السنة. فمهما يكن بينهم من اختلاف وخصومة، فإنهم يتوحدون ضدنا. بل المتابع لهم يجد أنهم أحياناً يتعمدون صناعة هذه الفروق لغايات سياسية، يخدعون بها المغفلين من جماعتنا – وما أكثرهم! – فإن من السياسة أن لا يوضع العنب كله في سلة واحدة. فكلما تلفت سلة حولوا العنب إلى سلة أخرى، على قاعدة (تعدد أدوار ووحدة هدف). ولكبيرهم محمد باقر الصدر كتاب مستقل يجسم هذه القاعدة، بعنوان "أئمة أهل البيت.. تعدد أدوار ووحدة هدف". فالقوم واعون، ويعرفون بأي نول ينسجون، وعلى أي وتر يعزفون. لكن المشكلة في من يهرفون بما لا يعرفون. يدورون بين السلال، كلما ثقبت سلة أخذوا أختها، وما دروا أن الاعتلال ليس في السلال، وإنما في العنب الذي فيها.

لعبة قديمة جديدة

الشيعة قوم يتميزون بقابلية لا تضاهى على رفد الميدان بألوان وأشكال، تبدو في ظاهرها مختلفة، لكنها في الباطن متحدة. فإذا انكشف حال أحدهم، أو احترقت ورقته، جاءوك بآخر يلعن سابقه، ويتبرأ من سابقته. وجماعتنا لـ (طيبتهم) - بل لغفلتهم – لا يدركون اللعبة؛ فيظلون يدورون ويدورون، لا يبرحون أماكنهم.

وهكذا في كل يوم يخرج لنا (وطني) جديد! و(معتدل) غير القديم! والحقيقة أن اللعبة قديمة، وأنه ليس من جديد ولا فرق بين الكشواني والكاشاني – كما يقول الأستاذ الملاح رحمه الله تعالى - الدعوى هي الدعوى، والعمامة والكالوش هما هما. وما تغير إلا الشاخص. ولربما اللاحق ألعن من السابق!

هؤلاء هم (المعتدلون)..!

فيما يلي استعراض سريع لأبرز الأسماء التي انخدع بها أهل السنة، مع شواهد عابرة مما تهيأ تحت اليد، وكان تحت دائرة النظر. تثبت حقيقتهم التي هم عليها، ومدى الوهم الذي يغزو تصوراتنا (الطيبة) عن (اعتدالهم) و(وطنيتهم). وأظن الموضوع يستحق تأليف كتاب مختص، يستقصي الأسماء والأدلة المتعلقة بكل اسم منها. أما أنا فيكفيني في هذا المقام مثل الذي قد كفاني يوم كتبت أول السطور والشواهد عن مقتدى وزمرته، قبل انكشاف حقيقته، في كتاب (إلى متى نخدع؟ إلى متى نُخادع؟) في نيسان 2005. ثم أثبتت الأيام للجميع أن تلك الشواهد كانت كافية لأن تكون أدلة دامغة لو كانوا قليلاً عندها يتوقفون. والذي صدق في الأولى يوم كان الناس لا يريدون التصديق، يصدق في الآخرة، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

ويحضرني هنا واقعة حقيقية لأحد العارفين من أهل الأحواز العربية السليبة. عند أول مجيء الخميني، والناس قد افتتنوا به، في الأحواز وغيرها، يظنونه المنقذ الذي جاء به القدر في ليالي اليأس وأيام القنوط!

يومها جمع ذلك العارف الحكيم أقاربه وقال لهم: " يا جماعة! إياكم والانخداع بالخميني وأمثاله! ما هذا الرجل إلا دجال من دجاجلة الفرس، لا علاقة له بالدين ".

وما إن سمع أقاربه كلامه حتى ثاروا في وجهه منكرين مستنكرين. فسكت الرجل ربع قرن. حتى إذا ظهر كل شيء على ما هو عليه، وصار الناس يئنون ويصرخون من ظلم آيات الدجل في قم وطهران. جمع ذلك الرجل أقاربه مرة أخرى وخاطبهم بقوله: " هل تذكرون ما قلت لكم قبل كذا وكذا من السنين، وماذا كان ردكم علي؟ " قالوا: "نعم!" قال: " هل كنت صائباً فيما قلت يومها، وكنتم مخطئين؟ " قالوا: " نعم! والله " قال: " فالآن أقول لكم حقيقة أخرى: ليس الخميني وزمرته على باطل لفساد تدينهم، وعدم التزامهم، لا، وإنما لفساد دينهم من الأساس. فالتشيع مذهب باطل، والحق مع أهل السنة " فثار الحاضرون في وجهه كما ثاروا في المرة الأولى! فقال لهم: " يا جماعة الخير! ارحموني وارحموا أنفسكم، لقد عشت ربع قرن على أمل أن أراكم يوماً من الدهر تصدقون ما قلت لكم. وها قد حقق الله تعالى لي أملي. وجعلني أعيش حتى أرى بعيني أمنيتي. فهل تظنون أن لي عمراً كعمر نوح لأعيش ربع قرن آخر حتى أراكم تصدقون ما قلته لكم الآن؟ أفكلما أخبرتكم بحقيقة أحتاج إلى ربع قرن آخر لتصدقوها؟! استحيوا من أنفسكم، فالذي صدق في تلك يصدق في هذه، وما من داع للتجارب وخسارة الأعمار "!

وأقول: الاعتبار تجربة من دون تجريب. وقول العارف يضاعف العمر، ويختصر الجهد. والعاقل من اعتبر بغيره، لا بسيره. فلماذا يأبى أكثر الناس إلا أن يمر بجسده على مبضع التشريح؟ ألا ما أكثر العبر!... وأقل المعتبرين!

محمد مهدي الخالصي

من هؤلاء (الوطنيين) (المعتدلين) الشيخ جواد الخالصي. ولا أريد ذكره قبل أبيه. فإن الشجرة تتغذى من جذورها. ومن قرأ الجذور سهل عليه قراءة ما على سطح الأرض.

أما أبوه فمحمد مهدي الخالصي.. الذي خدع الكثير من علماء وعامة أهل السنة - خاصة المجتمع البغدادي الطيب - بدعاواه الرنانة عن التقريب، وتمثيلياته التي كان يجريها بين مرقدي الكاظم وأبي حنيفة، واعتبر - في أواسط القرن الماضي - كبير دعاة التقريب والتلاحم بين أهل السنة والشيعة! بينما هو لا يختلف عن أمثاله من علماء الشيعة. يتظاهر بأمر، ويبطن خلافه. وقد تولى فضحه في حينها الأستاذ الكبير محمود الملاح رحمه الله. ويكفيني أن أنقل عنه عقيدته في (المهدي) لمناسبتها الحديث عن العصابات المنتسبة إليه، وكيف أنه يعتقد فيه العقيدة الوحشية نفسها. فيا لسعادة الوطنيين!

تناول الأستاذ الملاح كتاباً للخالصي هذا اسمه (البرهان الجلي على إيمان زيد بن علي) فذكر أنه جاء في آخر ص54 منه ما يلي: " والذي يأخذ بثارات أهل البيت، المنتظر محمد بن الحسن العسكري. فيفرح بظهوره عامة المسلمين في شرق الأرض وغربها ". وعلق الملاح على هذا النص بقوله: " ولم أفهم معنى لهذا الكلام لأن الذين اعتدوا على آل البيت بادوا. والمهدي لا بد أن يلتزم الشريعة. ولم يرد ما يدل على نسخها في عهده. فإن قدر للشريعة الإسلامية أن تنسخ في عهد المهدي، وانتقم من الأولاد بما فعل الأجداد –كما ورد في كتب الملل – فسيكون أهل العراق أوفر نصيباً من أهل الشام ! والحكم لله الملك العلام " (2) .

وما تخوف منه الملاح قبل أكثر من نصف قرن من الزمان بناء على عقيدة الخالصي في المهدي هو الواقع نصاً في العراق اليوم!

وانظر إلى عقيدة هذا (الوطني) (المعتدل) في خيرة الأصحاب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما! إذ يقول: " وان قالوا أن أبا بكر وعمر من أهل بيعة الرضوان الذين نص الله على الرضا عنهم في القرآن: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)، قلنا: لو قال ((لقد رضي الله عن الذين يبايعونك تحت الشجرة)) أو ((عن الذين بايعوك)) لكان في الآية دلالة على الرضا عن كل من بايعه، ولكن لما قال ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك)) فلا دلالة فيه على الرضا إلا عمن محض الإيمان " (3).

وقد ذكر الأستاذ الملاح تهجم الخالصي على الشيخين رضي الله عنهما من خلال كتاب نشره اسمه (الرحلة المقدسة)، فيه أدعية تقال عندهم في الحج عند الوقوف على قبور بعض المدفونين في البقيع من أهل بيت علي، يتبرأ فيها من الصديق والفاروق مكنياً عنهما برمز (الجبت) و(الطاغوت)، ومخاطباً فاطمة رضي الله عنها بمثل: "يا مظلومة!... يا مكلومة!... يا مضطهدة"(4)!

وأخيراً اقرأ هذا النص الذي لا يخرج إلا من فم (وطني) (عروبي) إلى حد العظم! يقول الخالصي هذا: (لم أذكر الصحابة بخير لأني لا أريد أن أتعرض لعذاب الله وسخطه بمخالفتي كتابه وسنته في مدح من ذمه الكتاب والسنة، والإطراء على من قبح أعماله القرآن المجيد والأحاديث المتواترة عن النبي. وغاية ما كنت أكتبه وأقوله هو إن كتاب الله وسنته لم تذكر الصحابة بخير، ولا تدل على فضل لهم لأنهم صحابة) (5)!

هؤلاء هم دعاة الاعتدال والناعقون بشعارات الوحدة الوطنية في أوطاننا المنكوبة بنا قبل غيرنا!!

جواد الخالصي

وهذا الشبل من ذاك الأسد. على منواله ينسج، وخطواته يسير. التقيته في رحلة الحج عام 1427. ودار بيننا حوار وجدال ألخصه فيما يلي: قلت له: إذا كنتم جادين في دعواكم لتوحيد الصف ووأد الفتنة، فكونوا صرحاء حتى يثق بكم الجمهور. اتركوا العزف على ربابة " لا فرق بين السنة والشيعة ". أخرجوا المسألة من الإطار الديني، واحصروها في إطارها السياسي. لقد اختلف الحال عما هو عليه قبل خمسين عاماً. الزمان زمان ثورة المعلومات وشبكة الإنترنت، والحواسيب، والفضائيات، والإذاعات. والكتب والصحف والنشريات، تجدها مبذولة على أرصفة الطرقات! لم يعد شيء خافياً على أحد. الكل يعرف أن هناك دينين، لا مذهبين. والخلاف وصل إلى حد القتل، والقتل المتبادل. كيف " لا فرق " وأنتم تؤمنون بـ (الإمامة) أصلاً تكفروننا على أساسه؟ قال: نحن نعتقد أنكم مسلمون. قلت: نعم. ولكن هذا بحسب الظاهر كإسلام المنافقين. أما في الحقيقة فلسنا في اعتقادكم مؤمنين، بل كافرون لا ننجو يوم القيامة، وإنما سندخل النار خالدين مخلدين. حاول إنكار هذا الكلام مطالباً إياي بإثباتاته من مصادره. فذكرت له بعضها. وأردفت: محمد حسين فضل الله أبرز من يتظاهر بالتقريب، يُسأل عن التعبد بمذاهب أهل السنة؟ فيجيب بعدم قبول العمل بغير المذهب الشيعي. قال: أين ذكر ذلك؟ قلت: في كتابه (مسائل اعتقادية). فقال: لا أعرف هذا. وسأتحقق من الأمر. قلت: والخوئي يستبيح مال الناصب أينما وجد؟ قال: أين؟ قلت: في كتابه (منهاج الصالحين). قال: مال الناصب، وليس السني. قلت: لا فرق عندكم بين الناصب والسني. فهو لقب تلجأون إليه عند الحاجة للتورية. ولكم في إثبات كون الناصب هو السني بلا فرق مؤلفات. قال: مثلاً؟ قلت: كتاب (الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب) للشيخ يوسف البحراني، وهو في مجلدين كبيرين، وقد طبع في إيران قبل سنوات قليلة. فتظاهر بعدم معرفته! قلت: فما تقول بتكفير الخوئي لكل مخالف، وهو – حسب تعريفه – كل من أنكر (إمامة) ولو واحد من (الأئمة) الاثني عشر؟ قال: أين هذا الذي تقوله عنه؟ قلت: في كتاب (مصباح الفقاهة). فتظاهر – كالعادة – بعدم اطلاعه على ما أقول! وهو تهرب واضح. قلت: فكونوا واضحين حتى نصدقكم. فضحك وهو يقول: كلامك هذا خير ورقة بيد الطائفية.

وهكذا تراهم عند الإحراج يلوذون خلف هذه العبارات الدعائية واللافتات الإعلامية. أفيكون المراوغة والتلاعب بالألفاظ والمواقف قريناً للاعتدال والوطنية؟

وذهلت حين تطرقت إلى الكليني وقوله بالتحريف طبقاً للروايات الصريحة التي رواها في كتابه (الكافي) معتقداً بصحتها. قلت: وهذا يرفع عنه الثقة، لأن اعتقاد التحريف كفر، ومعتقده كافر. فهل أنتم مستعدون لتكفير هؤلاء العلماء؟ فاحتج عليّ قائلاً: ولماذا نكفر من يقول بالتحريف؟

أحمد البغدادي

يكفي العاقل من هذا أن ينظر إلى دفاعه المستميت عن إيران ومشروعها النووي، ودفاعه عن مقتدى الصدر وجيش المهدي. وادعاؤه المريض المستمر أن هناك مؤامرة للتغطية على عمليات المقاومة الشيعية، وحصر العمليات في المنطقة السنية فقط. بينما المقاومة – حسب ادعائه – سنية شيعية. ولا أدري هل الشيعة يتآمرون على أنفسهم أيضاً حين تخرس وسائل إعلامهم الضخمة المتعددة عن هذا الادعاء أو الإتيان بشواهد من الميدان له؟ وإذا تحدث عن الاحتلال فيصب لعناته على احتلال الأمريكان ويتهمها وحدها بـ (الإرهاب وتوظيف الطائفية بين مكونات الشعب العراقي) – كما جاء في أحد بياناته المقاومية - ويخرس عن استحلال إيران! وفي آخر تلك البيانات الهوائية النارية ضد الاحتلال يتحدث عن أمريكا ويتهمها حتى بظاهرة بيع (حبوب الهلوسة) – كما يسميها – على قارعة الطريق. مع أن الكل يعلم أن حبوب الهلوسة هذه قد أتتنا من بلاد المهلوسين حبيبته الجارة إيران! ولم يذكر إيران إلا في اعتراضه على سكوت المراجع في النجف عن الإفتاء بالجهاد ضد الأمريكان قائلاً: (وإيران تطالبهم بإلحاح في إصدار فتوى جهادية لمناهضة العدو)(6)!

وعبارة أنقلها من أحد كتبه لا تعني غير تكفير أهل السنة أجمعين! يقول فيها عن بدعة (الخمس): " ومن امتنع عن أدائه كان من الفاسقين الغاصبين لحقهم بل من كان مستحلاً لذلك كان من الكافرين "(7).

ولا أقول غير: يعيش الاعتدال!... وتحيا الوطنية!

محمد حسين فضل الله

سئل محمد حسين فضل الله: هل يجوز التعبد في فروع الدين بالمذاهب السنية الأربعة، وكذلك بقية المذاهب غير الشيعية؟ فأجاب: " لا يجوز التعبد بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت عليهم السلام، لأنه المذهب الذي قامت عليه الحجة القاطعة "().

ويذكر الأستاذ صباح الموسوي الأحوازي أن فضل الله هذا قام بطرد أحد المشائخ الشيعة، اسمه (طالب السنجري)، من حوزته الكائنة في منطقة السيدة زينب في سوريا، كان أستاذًا للفقه فيها، بسبب تأليفه كتاباً أكد فيه على أن الرجوع إلى الخليفة عمر بن الخطاب كالرجوع إلى الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنهما، لكون الاثنين يستقيان علمهما من منبع واحد، وهو القرآن والسنة (9).

هؤلاء هم (المعتدلون) ورافعو راية التقريب!

محمد باقر الصدر

أما محمد باقر الصدر، المعدوم سنة 1980، والذي لا زال الكثير من أهل السنة مخدوعين به، ويعتبرونه من (المعتدلين)، ودعاة التقريب الصادقين. التقيت أحد خريجي كلية الشريعة في مكتب للحاسبات في بغداد، يريد طباعة رسالة له لنيل درجة الماجستير. كان يستعيد مع صاحب المكتب بعض النصوص من أجل تصحيحها، وسمعتهما يكرران كلمة (الشهيدين) مرات عديدة. قلت: من هما الشهيدان المقصودان بهذه الكلمة من فضلك؟ قال: سيد قطب ومحمد باقر الصدر.! قلت: سبحان الله! كيف جمعت بين الثرى والثريا؟! كيف يوصف من يكفر الصحابة، ويعتقد بتكفير أمة الإسلام بـ (الشهيد)؟ أليست العقيدة أساس التقييم؟ قال: وهل محمد باقر الصدر يكفر الصحابة؟ قلت: نعم. وأتيته بالدلائل. فقال لضارب الطابعة: احذف هذه الكلمة إذن.

والشيء نفسه حصل لي مع مؤلف كتاب يدعو للوحدة والتقريب، ويفرق بين التشيع الصفوي والتشيع العلوي، يثني فيه على محمد باقر هذا، ويعتبره مثلاً للتشيع العلوي. وحين جئته بكتاب لباقر هذا اسمه (أئمة أهل البيت تعدد أدوار ووحدة هدف)، وأريته ما فيه من تهجم وسب وطعن بالصحابة وعلى رأسهم الشيخان، عجب أشد العجب! وصار يعتذر صادقاً أنه لم يكن يتصوره على هذا المستوى من الانحطاط الفكري والاعتقادي. لقد تبين أنه يردد ما يسمع دون اطلاع على ما ينبغي الاطلاع عليه قبل إصدار الحكم بالسلب أو بالإيجاب.

ليس هذا الكتاب متوفرا لدي الساعة، إنما أنقل لكم نماذج من كتاب له اسمه (فدك في التاريخ). والكتاب واضح من اسمه في دلالته على العقلية التي تحرك المؤلف (الوطني) (المعتدل)!

انظروا إلى هذه النفسية الشعوبية الحاقدة ، وإلى هذه العقلية المريضة المنحرفة كيف تفسر ملازمة الصديق رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم في معاركه! فبدلاً من أن يفسرها التفسير المنطقي طبقاً لمقتضيات طبيعة القيادة التي تميز بها الصديق عن غيره من الصحابة، والتي اقتضت هذه الملازمة ترى صاحبنا يفسرها تفسيراً مريضاً معوجاً فيقول:

" وليس لدي من تفسير معقول للموقف إلا أن يكون قد وقف إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكسب بذلك موقفا هو في طبيعته أبعد نقاط المعركة عن الخطر لاحتفاف العدد المخلص في الجهاد يومئذ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وليس هذا ببعيد لأننا عرفنا من ذوق الصديق أنه كان يحب أن يكون إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب لأن مركز النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو المركز المصون الذي تتوفر جميع القوى الإسلامية على حراسته والذب عنه... شخصية اكتفت من الجهاد المقدس بالوقوف في الخط الحربي الأخير – العريش "(10).

ثم انظروا إليه كيف يطعن في خليفة رسول الله فيقول:

" فلا غرابة في أن ينتزع من أهل البيت أموالهم المهمة ليركز بذلك حكومته، أو أن يخشى من علي عليه السلام أن يصرف حاصلات فدك وغير فدك على الدعوة إلى نفسه. وكيف نستغرب ذلك من رجل كالصديق وهو الذي قد اتخذ المال وسيلة من وسائل الأغراء، واكتساب الأصوات" (11).

ويطعن في شرعية خلافته فيقول: " تلك هي خلافة الصديق (رضي الله تعالى عنه) عندما خرج من السقيفة... ومعنى هذا أن الحاكمين زفوا إلى المسلمين خلافة لم تباركها السماء ولا رضي بها المسلمون " (12).
ويقول أيضاً: " والنقطة الأولى التي نؤاخذ الصديق عليها هي وقوفه موقف الحاكم في المسألة (فدك) مع أن خلافته لم تكتسب لونا شرعيا " (13).

وعندما وجد نفسه عاجزاً عن إنكار الخير العميم، الذي شمل البشرية فـي عهد الشيخين، راح – بعقليته المريضة – يصرف الفضل في ذلك، لا إلى جهدهما المخلص، وحرصهما على نصرة الدين، ونشره في ربوع العالمين، وإنما إلى الظرف المحيط بهما، فهما قد فعلا ما فعلا خوفاً من المجتمع ورقابته! هل رأيت تناقضاً ومرضاً عقلياً ونفسياً كهذا؟! فيقول:

" صحيح أن الإسلام في أيام الخليفتين كان مهيمنا، والفتوحات متصلة والحياة متدفقة بمعاني الخير، وجميع نواحيها مزدهرة بالانبعاث الروحي الشامل، واللون القرآني المشع، ولكن هل يمكن أن نقبل أن التفسير الوحيد لهذا وجود الصديق أو الفاروق على كرسي الحكم؟! " ثم يقدم بعد هذا التساؤل تفسيره الفتاك فيقول:

" ونفهم من هذا أن الحاكمين كانوا في ظرف دقيق لا يتسع للتغيير والتبديل في أسس السياسة ونقاطها الحساسة لو أرادوا إلى ذلك سبيلا، لأنهم تحت مراقبة النظر الإسلامي العام الذي كان مخلصاً كل الإخلاص لمبادئه، وجاعلا لنفسه حق الإشراف على الحكم والحاكمين. ولأنهم يتعرضون - لو فعلوا شيئا من ذلك - لمعارضة خطرة من الحزب الذي ما يزال يؤمن بأن الحكم الإسلامي لا بد أن يكون مطبوعا بطابع محمدي خالص، وأن الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يطبعه بهذا الطابع المقدس هو علي - وارث رسول الله ووصيه وولي المؤمنين من بعده " (14).

هؤلاء هم (المعتدلون) من الشيعة فأي اعتدال هذا؟!

يقول (معتدل) آخر هو علي الأمين مفتي صور وجبل عامل في لبنان في لقاء له على قناة (العربية) في برنامج (بالعربي) يوم 22/2/2007:

" تعاونت مع منظمة أمل والمجلس الأعلى لأنهم يحملون مشروعاً معتدلاً " !!!

فإذا كانت منظمة أمل صاحبة مجازر تل الزعتر وصبرا وشاتيلا تحمل مشروعاً معتدلاً، فكيف هي مشاريع الآخرين من غير (المعتدلين)؟!

نعم.. قد تسمع أو تقرأ كلاماً يبدو معتدلاً لأحد العلماء من منتسبي المجلس الأعلى الشيعي في لبنان، ولكن النتيجة في النهاية واحدة, لا ترى على الواقع إلا عملاً واحداً لهؤلاء وهؤلاء! فليس ثمة إلا الكلام. وكما قالت العرب منذ زمن بعيد: " أسمع جعجعة ولا أرى طحناً ". ولذلك لا يجد المفتي المذكور من حرج أو مفارقة حين يقرن بين المنظمة والمجلس. لأنهما في الحقيقة شيء واحد. الهدف واحد، ولكنها الأدوار يجب أن تتعدد خدمة للهدف.

محمد محمد صادق الصدر

الشيء نفسه قيل عن محمد صادق الصدر. وقد عانينا ما عانينا أيامها في سبيل أن نقنع المغفلين ببطلان نظرية التفريق بين علماء الشيعة وقسمتهم إلى صنفين: معتدلين أصحاب تشيع علوي، وآخرين أصحاب تشيع صفوي، ما داموا يعتقدون بمبدأ (الإمامة). إن أول اللوازم التلقائية للاعتقاد بهذا المبدأ الخطير، هو تكفير من لا يلتزم الاعتقاد به. وهذا أمر اضطراري لا مهرب منه. شأنه شأن اعتقادنا بأصل النبوة، وتكفير من لا يقر به. هل تعلم أن (الإمامة) عند الشيعي أعلى مرتبة من النبوة؟ هل التشيع الذي يتضمن هذه العقيدة الفاسدة التي تقضي بتكفير خيرة الأُمة يليق أن نلحقه بعلي، وننسبه إليه ؟! فكيف يقال بعد ذلك عن بعض علمائهم: إنهم من أصحاب التشيع العلوي أو العربي؟ هذا تشيع غلوي – يا سادتي - لا علوي، وعجمي لا عربي.

وحتى بعد أن كشر محمد صادق عن حقيقته، ظل هناك من لا يعرف أو لا يريد أن يعرف الحقيقة! حتى إذا جاء ولده قالوا: هذا هو من ننتظر، وعلى يده سيكون جمع الأمة! وراحت أصوات المحذرين أدراج الضوضاء. حتى كشفت الأحداث عن سوءته. ولم يعد لأحد من عذر للدفاع عنه.

ولا أريد أن أطيل في الإتيان بالشواهد من خطب محمد صادق الصدر وكتبه. يكفي أن أشير إلى ما صرح به أحد أتباعه (المعتدلين) حازم الأعرجي وهو يحرض على قتل أهل السنة في إحدى خطبه النارية المسجلة على شريط مصور، والمبثوثة على شبكة المعلومات، محتجاً بفتوى للمقبور محمد صادق هذا تقول: "اقتلوا النواصب إنهم أنجاس، أنجس من الكلب!"

وهذه لقطة مختصرة من إحدى خطبه على منبر الجمعة في الكوفة متحدثاً عن موت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هناك جوابين لأسلوب موته), أي إنه مات بحادث خارجي جواب من الجماعة – أهل السنة – وجواب من عندنا. الجماعة يقولون: إنه أثر فيه أكل الذراع الذي قدمته اليهودية. وهذا بعيد إلى درجة عجيبة... أذن كيف مات؟ وبأي حادث خارجي مات؟ يقولِ الارتكاز المتشرعي عندنا: إن الحادث حصل من داخل بيته. ربما بعض زوجاته هي التي دست له السم ومات خلال أيام. طبعا بالجرح هذا لا يحتمل. وإنما بالسم (15).

محمود الصرخي

محمود عبد الرضا الملقب بالحسني الصرخي، يمثل في هذه المرحلة – بعد احتراق ورقة مقتدى - عند الكثير من النخبة السنية ذلك الأمل، وتلك الشخصية الوطنية العروبية، التي تندد بالاحتلال الأمريكي، وتستنكر التدخل الإيراني في الشأن العراقي. وبالجملة مثال رجل الدين الشيعي اللطيف النظيف، الذي يصلح للاحتذاء في مشروع المصالحة والتقريب والوحدة الوطنية، وإعادة اللحمة إلى هذا الوطن المفكك المنكوب! وكأن مقتدى لم يكن درساً بليغاً مؤلماً كان عليهم أن يأخذوا منه العبرة، ويقيسوا عليه بقية الأشكال المشابهة؟! فتعالوا بنا قليلاً نتعرف على الصرخي هذا.. هذا المثال الصارخ!

في كتابه المسمى بـ (أهل السنة وحب العترة) لا يتردد عن أن يحكم على أهل السنة بأن (هم أسوأ من إبليس)!! ويعلل هذه المفاضلة بـ (أن إبليس يمكن أن يطرح الحجة أو العلة ولو كانت واهية وباطلة) أما أهل السنة – الذين يتهمهم ببغض أهل البيت، ويوجه لهم الخطاب بعنوان هذه التهمة - فليس لهم أية حجة في ذلك. وهكذا يصدر عليهم حكمه النهائي بأنهم (أردأ وأسوأ من إبليس وفي درجات أعمق من إبليس في نار جهنم وبئس المصير). ثم صار يدندن حول (الإمامة)، وعدم اعتراف أهل السنة بها، وهدمهم لأصل الطاعة لأهل البيت، ليقول: (فشعارهم التوحيد من الشعارات البراقة التي ينخدع بها العديد من الجهال والعصاة. بشعارهم الكاذب بالتوحيد يريدون أن يهدموا أصل التوحيد وأصل العبودية المطلقة لله تعالى، وتهديم أصل الطاعة لما أوصى من طاعة أهل بيته). ويستشهد لقوله هذا، وحكمه هذا فيهم بالشيخ محمد بن صالح العثيمين، مثالاً لهدم أصل التوحيد، وما سطره رحمه الله تعالى في كتابه القيم (عقيدة أهل السنة والجماعة) (16)!
وانظر إليه ماذا يقول عن الصحابة تحت عنوان: (العمامة الحقيقية والعمامة المزيفة) – العمامة الحقيقية إشارة إلى علي، والمزيفة إلى الصحابة، وعلى رأسهم أبو بكر! - يقول هذا المعمم المزيف: (إن حزن أبى بكر هو حزن على نفسه، وليس على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وإن السكينة نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غار حراء. وإن الاثنينية تذكر حتى بين الإنسان وكتابه والإنسان وحماره والإنسان وعصاه وغيرها. بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم انقلب الحال وتغيرت الأقوال. فبينما انشغل أمير المؤمنين علي بتغسيل وتحنيط وتجهيز الحبيب المصطفى صلى الله عيه وآله وسلم إذا بالسقيفة قد انعقدت وتنصب (الأول) تحت طاولة الترغيب والترهيب وضرب الخراطيم بالسيوف. والنتيجة انشقت الأمة وراحت تأتمر بأمر من خرج على نص النبي وأمر الله) (17).

وقبل أن أضع يدي على أنفي، وأغادر هذا الكنيف، أرى من تمام الفائدة أن أذكر موقفه من أهل الفلوجة. وذلك لسببين:

أولهما: أنه يعطي الصورة النموذجية للشخصية الشيعية، وكيف تظهر أمراً - حسب ما يتطلب الموقف - وتبطن نقيضه. فحين يقتضي الموقف الظهور بمظهر الوطني، الحريص على وحدة الوطن والمواطن، وركوب موجة الآخرين والاستفادة من الحدث إلى أبعد حد، تجده يرتدي لباس التقية، ويتجمل بالشعارات النفاقية ليصرح على رؤوس الملأ - في بيان له موقع باسمه،عنوانه ( فلوجة الخير والمقاومة) – ويقول: (نعزي سيدنا وقائدنا النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ومولانا ومنقذنا قائم آل محمد وبقية الله تعالى في أرضه عجل الله تعالى فرجه الشريف بمصاب أهلنا وإخواننا وأحبائنا في فلوجة الخير والمقاومة والجهاد والصبر). ويختمه بقوله: (والسلام على الفلوجة المقاومة وأهلها الصابرين ورحمة الله وبركاته. وفرج الله تعالى عنهم، وعن المؤمنين والمؤمنات فرجاً عاجلاً كلمح البصر، أو هو أقرب. إنه سميع الدعاء) 19/صفر/1425 هـ .

والسبب الثاني: هو أن عامة مثقفي أهل السنة وكتابهم وصحفييهم، بل وكثير من مشائخ الدين فيهم، لا يعرفون من هؤلاء إلا هذه التصريحات الدعائية، ولم تتهيأ لهم الفرصة لأن يقرأوا ويتعمقوا، ليطلعوا على حقيقة ما يعتقدونه ويخبئونه، مما يناقضه نقيض الضد للضد!

فهذا الذي يصرح ويصرخ بمثل هذه الخطابات الإعلانية، هو نفسه حين يسأل عن أهل الفلوجة، هؤلاء الذين يمتدحهم، ويظهر التوجع لمصابهم، يجيب بجواب آخر، يظهر فيه على حقيقته، وحقيقة موقفه منهم، ومعتقده فيهم. والفرق بين هذا وذاك أن تصريحه الأول جاء في بيان، مصوغ أصلاً للإعلان والدعاية. ربما يسمعه الملايين، ويصل إلى أبعد المسافات، وتتناقله الفضائيات. كما كان مقتدى يفعل. بينما موقفه الآخر جاء على شكل جواب لاستفتاء منشور في كتاب، لا يطلع عليه عادة إلا المعنيون من الشيعة المقلدين له حصراً. وهذه الكتب تظل غالباً بعيداً عن مثقفينا ومشائخنا وإعلاميينا؛ فيقعون في الشرك، وتنطلي عليهم الحيلة، ويصيرون أبواقاً للشيطان من حيث لا يشعرون.

ففي أحد الكراريس الاستفتائية يوجه إليه السؤال التالي: (لقد سمعنا بالمصادمات في الفلوجة بين المواطنين والأمريكان الغزاة فهل إن الذين قتلوا هم شهداء أم ماذا؟).

فيجيب بـ (وطنيته) المعهودة قائلاً: (بسمه تعالى إن ولاية أهل البيت عليهم السلام ولاية حق وهي المحك في قبول الأعمال. وإن الجهاد في سبيل الله تعالى ونيل الشهادة في هذا الطريق لا يتحقق ولا يقبل إلا بولاية أهل البيت الصادقة الحقيقية. ولا يخفى على الجميع أن كل إنسان يحاسب وفق مستواه الذهني وحسب ما وصل إليه من دليل ومقدار وضوحيته وتماميته) (18)!!!

والذي يرجع مرة أخرى إلى بيانه الدعائي، يمكن أن يجد ما بين الكلمات ما يدل على عقيدته التكفيرية هذه، ولكنه دسها دساً خفياً، لا يفطن إليه إلا خبير. أعد قراءة هذه العبارة: (... وفرج الله تعالى عنهم، وعن المؤمنين والمؤمنات...) ماذا ترى فيها؟ ربما تقول: لا شيء. وأقول لك: كلا ! انظر إلى تفريقه بين دعائه لأهل الفلوجة بقوله: ( وفرج الله تعالى عنهم)، ودعائه للشيعة حين خصهم بقوله: (وعن المؤمنين والمؤمنات)! فجاء بحرف العطف (الواو) الذي يقتضي المغايرة، وأكد المعنى بتكرار حرف الجر (عن)!. ومن عرف لغة القوم واعتقاداتهم علم أن الشيعة لا يطلقون لقب (المؤمنين والمؤمنات) إلا على من آمن بمبدأ (الإمامة) وهم الشيعة حصراً. وإن أطلقوا على غيرهم وصف (المسلمين) حكماً لهم بالظاهر قياساً على المنافقين.

أرأيت كيف يتلاعبون بالألفاظ، ويتصرفون بالعبارات؟! في غفلة من جماهير أهل السنة، الذين هم بعيدون كل البعد عن هذه المنعرجات، والمتاهات، والطرق الملتوية، التي ربما ضاع فيها الحادي الخبير!

أكتفي بهذا القدر من الشواهد على (الوطنية) و (العروبية) التي تنز من آذان هذا الرجل. وقلبي كله حسرة على أهل السنة - وعلى العروبيين والوطنيين من كافة الأديان والأعراق - كيف يخدعون بأمثال هؤلاء! انظر إلى موقع (الرابطة العراقية)! تجد الإخوة القائمين عليه – وهم من هم في وطنيتهم وعروبتهم، كما نلمس من خلال هذا الموقع الطيب، وحرقتهم على ما يجري لأهلهم في العراق – يضعون صور الصرخي والخالصي والمؤيد في مكان بارز من الصفحة الأولى، على أنهم رموز للوطنية والعروبة والسمو فوق الطائفية والانتماءات المذهبية! وشبيه به ما تفعله بعض المواقع الجيدة الأخرى. منخدعين بما يطلقه هؤلاء الملبسون من فقاعات هوائية، وبالونات دعائية حول إيران، وغيرها من موضوعات الساعة. وكأن الذي يذم إيران يقدم صك البراءة من الشعوبية، والحجة القاطعة على ما يقابلها من المعاني الوطنية والعروبية. وما دروا أن ذلك ما هو إلا صورة للصراع الداخلي، الذي يحدث طبيعياً بين أصحاب الأديان والآيدلوجيات أو المذاهب الفكرية. وهو قانون أو سنة اجتماعية لا تتخلف، كما قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) (هود:118،119). ومن الطبيعي أيضاً أن يلبس هؤلاء اختلافاتهم الذاتية لباساً جميلاً، ويمنحونه شعاراً مقبولاً، ليتمكنوا من تصديره، ويحوزوا اصطفاف الآخرين إلى جانبهم. فمرة يلبسونه لباس الوطنية. ومرة لباس العروبة، ومرة يغلفونه بمهاجمة إيران، وهم أبناؤها البررة، وأفراخها الذين انفلقت عنهم بيضتها، ودرجوا في عشها. هذا إن كان الخلاف والاختلاف جدياً، وإلا فهو جارٍ على قاعدة (تعدد أدوار ووحدة هدف).

فشل نظرية (التفريق) أو تصنيف الشيعة

المشكلة أن الكثيرين منا غير قادر على الاستفادة من الأحداث الجزئية، كي يصوغ منها قانوناً يستفيد منه لتطبيقه على الأشباه والنظائر, أو أنهم نظريون تجريديون إلى درجة أنهم يحاولون ليَّ أحداث الواقع ليأتي فصالها مطابقاً لنظرياتهم، وليس العكس! أليس الصحيح أن يعرض العقلاء ما يرون من نظريات على الواقع، أو يعرضونها للتجربة العملية من أجل اختبارها للتوصل إلى صحتها من خطئها؟

وكأني بالحضارة الإسلامية قد تمكنت من تخليص العلوم الطبيعية من قبضة المنطق والفلسفة، إلى فسحة المختبر ورحاب التجربة. لكنها لا زالت تعاني من تخليص العلوم الإنسانية أو الاجتماعية من قيد المنطق، وسجن الفلسفة إلى فضاء التجربة الواقعية، والاستفادة من الحدث كما هو، لا كما نتصوره.

رأيت أحد وجوه أهل السنة المبرزين على إحدى القنوات الفضائية يسأل عن محمد باقر الحكيم بعد مقتله؟ فيجيب: " لقد وجدته حكيماً حقاً (!) وهو من عائلة وطنية معروفة. سعت ولا زالت في جمع كلمة العراقيين ووحدة صفهم "(!) وفي لقاء لي بعدها مع شخصية كبيرة لها علاقة بالشخص المذكور آنفاً قلت له: أيرضيك أن يقال هذا الكلام في حق أمثال هؤلاء العملاء؟ ماذا خرّجت لنا عائلة الحكيم؟ محمد مهدي مؤسس حزب الدعوة. وأخاه محمد باقر ابن علقمي العصر الذي جاء هو وإخوته بالاحتلال الأمريكي، وكان من قبل يحارب العراق جنباً إلى جنب مع إيران. وعبد العزيز وعمار!! قال: نعم! كان أبوهم محسن الحكيم وطنياً. هل تعلم أنه لولا فتواه في تكفير الشيوعيين لاكتسحت الشيوعية العراق؟ قلت سبحان الله! أليس محسن الحكيم دسيسة شاه إيران في العراق؟ والشاه عميل أمريكا وشرطيها في المنطقة؟ وكان الاتحاد السوفيتي في ذلك العهد في أوج قوته وعنفوانه. فكانت أمريكا تتخوف على مصالحها منه، وتخشى من اكتساحه المنطقة، وطردها منها. فكانت الفتوى هذه بإيعاز من أمريكا إلى الشاه إلى (الحكيم). الفتوى أمريكية إذن يا سيدي!!

لقد آمن بعض أهل السنة – علمانيين وإسلاميين – بـ (نظرية التفريق) السابقة إلى حد العقيدة الراسخة. وهذا يستلزم ضرورة أن يجدوا لها مصداقاً على الواقع. فلما لم يجدوا صاروا يتخيلون ويتوهمون أن فلاناً أو فلاناً يصدق لهم ما يتخيلون، ويوقع على ما يتوهمون. وكلما خاب ظنهم، وكبا خيالهم، تركوه إلى خيال آخر ووهم جديد. وهكذا... حتى لكأن الشاعر لم يعن غيرهم بقوله:

الحبُّ في الأرضِ بعضٌ من تخيُّلِنا لو لم نجدْهُ عليها لاخترعْناهُ
وفي كل فترة يخرج لنا وجه جديد! بغطاء جديد. وتتكرر القصة. ويعيد التاريخ علينا دورته. لأننا قلما نقيس ونعتبر. يقول أحد حكماء الغرب: الفائدة الوحيدة التي استفدتها من التاريخ أنه لا أحد يستفيد من التاريخ. ولذا يعيد التاريخ نفسه.

آخر الصرعات المدعو حسين المؤيد! وأنا أقول للمنخدعين به: اذهبوا إلى موقعه على شبكة المعلومات، وروا بأعينكم شعار الموقع: شعلة النار معبود المجوس! ويكفي أنه زوج ابنة المجوسي المقنع عبد العزيز الحكيم! وأنعم وأكرم! ولا يخدعنكم تظاهره بالطعن في (...) نسيبه عبد العزيز، وخال أولاده عمار.

إنها التقية! وتعدد أدوار ووحدة هدف.

الخلاصة

خلاصة الموضوع، وخلاصة البحث وتجربة العمر، أن الشيعي - لاسيما العلماء – طائفي لا يؤمن بالوحدة الدينية ولا الوطنية، ما دام يؤمن بعقيدة (الإمامة)، التي تلزمه بتكفير الصحابة فمن بعدهم من أجيال الأمة، وسبهم، والطعن فيهم، والتآمر عليهم. هذه حقيقة قطعية. لا يخرج منها أحد منهم إلا بدليل قطعي.

نعم! قد يكون فيهم عوام بعيدون عن الاحتكاك بالمؤسسة الدينية، وأذرعها الأخطبوطية. كالبدو الرحل، وبعض أبناء القبائل الذين لا زالوا على أصالتهم وفطرتهم العربية وأمثالهم، وبعض الأفراد المنقطعي الصلة بعلمائهم ونُوّاحهم، منثورين بين أهل السنة، وما شابه هؤلاء. أو علمانيون فارقوا بيئتهم قبل ترسب العقد الشيعية في عقولهم الباطنة، فأُفلتت عقولهم وتحررت من عقدة التقليد. بعض هؤلاء يمكن التفاهم معهم على أساس اكتسابهم الحد الأدنى المقبول من الاعتدال، والشعور بالوطنية وحق المواطنة المبني على احترام حق الآخر في الحياة. كل هذا بشرطين:

الأول: أن تكون عقيدة الإمامة مبهمة لديهم لا تتعدى الحب لأهل البيت، وخفيفة إلى حد الانقطاع عن لوازمها الفاسدة التي أولها تكفير الصحابة.

والثاني: أن لا يكون لديهم التزام بعقيدة التقليد، التي يستغلها المرجع لإملاء أوامره الطائفية عليهم باسم الدين.

وإلا..

فكلهم مقتدى لا تستثن منهم أحدا. لا يفهمون التعايش السلمي على أساس المواطنة، ولا يمكن أن يقبلوا به، إلا بأن ينتقل ميزان القوة من أيديهم، إلى أيد أخرى رحيمة بصيرة، فيعيشوا محكومين لا حاكمين. ويعودوا إلى صنعتهم القديمة التي لا يجيدون سواها: نصب الخيام، وإعداد الطعام، وتحشيد الغوغاء والدهماء والطغام، وتشكيل المواكب والمسيرات، وتسيير الحشود والتظاهرات، لممارسة الطقس الوحيد الذي يعشقونه، والفن الذي يتقنونه، في هذه الحياة: لطم الخدود وندب الحظوظ، والشكوى والتظلم والنواح من الصباح إلى الصباح, على مر الأيام، وتوالي الأعوام.

ومن استغرب كلامي، ووجد فيه تجنياً، أو توهم فيه تعبيراً إنشائياً خطابياً مجرداً، فليستحضر شعارهم المعهود: " كل أرض كربلاء.. وكل يوم عاشوراء ". هل هذا الشعار المتخلف المأزوم يصلح أهله للحياة السلمية الطبيعية مع الآخرين؟ فضلاً عن قيادة الحياة نفسها حاكمين لا محكومين؟!

الشيخ طه الدليمي
01-04-2007

القادسية

المساهمات : 329
تاريخ التسجيل : 07/04/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى